أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

الهجرة إلى الشرق: "اخرجو"

بقلم: المهدي ولد لمرابط
في الموروث الشعبي العربي، يحكي أن صعلوكا خطف أميرة وأخذها إلى قصره، فذهب حبيبها لإنقاذها، حيث بدأ في مبارزة الصعلوك، إلا أن الأميرة تدخلت فجأة لتوقف القتال، وسألت حبيبها، هل لديك قصر لأسكن فيه، فأجابها: لا، ثم قالت: هل لديك أموالا لتصرف علي؟، فقال: لا، فقالت: إذا لماذا أتيت؟، فأجابها: لأنقذك و أصبح أميرا، فردت: إذا أنت داخل على طمع، ثم هجمت الأميرة على حبيبها فقتلته.
استحضرت هذه الحكاية وأنا بصد تسجيل شهادتي حول الاستعدادات المقامة بها من اجل النسخة الجديدة من لقاء الشعب في عاصمة الولاية الأولي "النعمة".

"النعمة" بمعناها اللغوي جمع نِعْمات وأنْعُم ونِعَم: وهي حُسنُ الحال والمال، وما وهبه الله من رزق ومالٍ وغيرهما.

أما عن معناها الاصطلاحي هنا، فهي عاصمة لولاية الحوض الشرقي، ويرمز لها في التسلسل الرقمي لولايات الوطن بـ 01، وقد أنجبت فيما شهدناه أكثر اطر الوطن فسادا.

اشتهرت المدينة بخطاب النعمة "التاريخي" للرئيس السابق معاوية ولد سيد احمد ولد الطايع، كما اشتهرت برؤساء حكومات موريتانية، حولوا المال العام الي مواشي، من بقر وغنم وابل، وجندوا لها أسرابا من السيارات العابرة للصحاري التابعة لوزارة التنمية الريفية، التي اختصرت تنميتها علي المفسدين.

لم ينعكس فساد بارونات "النعمة" علي المستوي الاقتصادي ولا المعماري للمدينة ولا حتى الولاية، فالزائر للمدينة يعتقد في أول وهلة أنها مسكن الأشباح، لولا تلك الفيلات اليتيمة المهجورة التي تعترض الزائر في مدخلها الغربي، والتي تعود ملكيتها الي أهم أباطرة ومفلسي الدولة الموريتانية الذين تعاقبوا علي إعدامها.

كان سكان النعمة فيما يقولون، أنهم في السابق استفادوا بخجل من تجار بيع الضمير، في تخليص بعض الإجراءات في الدوائر الرسمية، اما اليوم فلم تعد تربطهم أية صلات بمن يتم تعيينهم في وظائف حكومية باعتبارهم حصة الولاية في كعكة البلد، بل يزيدون علي ذلك، أن المدينة والولاية بشكل خاص يتم تمثيلها في الحكومة من خلال سيدات او "آمبيبلات".

***

لقاء الشعب وليس "الشعب" الورقية، علي الرغم من وجود خصائص كثيرة مشتركة بين الاثنين، فالشعب الورقي يفرض علي القطاعات الحكومية والشركات الاشتراك السنوي فيها رغما عنها، كما يفرض علي المعلنين عن المناقصات بثها من خلالها.

في حين أن لقاء الشعب الآدمي يفرض علي سكان مدن وقري وبوادي الحوض الشرقي الهجرة القصرية الي مدينة النعمة للمشاركة في الليلة الموعودة.

***

النعمة المكلومة شهدت حراكا مناهضا للقاء الشعب، بسبب ما اعتبره السكان الأصليون استخداما لهم، كبالونات رياح، ونفخ ريشهم علي أنهم خزان انتخابي مهم، وجعلهم في حرب وهمية مع ولاية اترارزه، ومن ثم الاستغناء عنهم إلي حين تجديد المناسبة.

فالنعمة بالرغم من إنجابها لكوادر كثر، وتوفرها علي موارد اقتصادية هائلة، إلا أنها مازالت حبيسة عهدها، فلا المدينة تقدمت، وإنما تغيرت للأسوأ، حيث لا يوجد بها أي منشئات اقتصادية مهمة، ولا حتى مشاريع تنموية تعود علي السكان بالخير.

ويمكن القول ان النعمة "ناعمة" لدجالها وباروناتها، إلي ان يتم الإطاحة بحبيبها، وتبقي أسيرة في يدي صعلوك مكرهة، فهل يكون ذلك قريبا.

إلي أن تلتقي.

ليست هناك تعليقات: