أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

"منت الناس" تجربة تستحق التشجيع !

بقلم: زيدان ولد ابراهيم
لم تكد الحلقات العشر الأولى من مسلسل "منت الناس" تعرض على الشاشة الصغيرة حتى امتلأت صفحات بعض المواقع بمقالات متجانسة الميولات ومتنافرة الاتجاهات بين مادح وقادح ومشجع وشامت ومهاجم ومدافع.
قد لا يكون من الإنصاف الحكم على مسلسل لم تعرض بعد كل حلقاته ولا حتى جلها ورغم ذلك سأدلو بدلوي في هذا النقاش الدائر سعيا لإنصاف تجربة هي في الحقيقة لبنة أساس ومدخل إلى فن لايزال غضا طريا في هذا المنكب البرزخي.
لقد وفق القائمون على هذا العمل الدرامي في اكتشاف وإبراز كم لابأس به من الممثلين (هواة أو محترفين لا فرق عندي هنا على الأقل)؛ المهم هو الكم في مجتمع لايزال ينظر إلى الفن السابع بنظرة دونية ونمطية. وقد نجحت أسرة العمل في لملمة مجموعة من الممثلين تعكس الفسيفساء المكونة لكل مكون اجتماعي سواء من حيث العرق أو العمر أو الجنس. وبغض النظر عن مسألة شباب "موطص" التي تعرض أحد كتابنا لها (وأعلن هنا تضامني الكامل معهم إن صح ما نشر) فقد استطاع فريق عمل " بنت الناس" أن يقدم أو لنقل يفاجئ المشاهد الموريتاني بلفيف من الشخصيات المنتقاة من مجتمع لايزال هذا الفن فيه حكرا على الذكور والشباب والكوميديا.
لاشك أن تصوير مشاهد تمثيلية في الفضاء الطلق وإقناع كبار السن بالتمثيل في مجتمعنا هو أشبه بعمليات انتحارية ولذلك علينا معاشر المشاهدين تصور كم الضغوط النفسية والاجتماعية وحتى الإجرائية التي استطاع فريق هذا العمل الدرامي تجاوزها والتغلب عليها حتى يقدمه لنا في النسخة المقبولة على علاتها؛ كما أنه من الإنصاف أيضا أن نستحضر عند حكمنا على "منت الناس" التاريخ القصير والمتواضع للفن السابع في موريتانيا وأن نقارنه ـ إن كنا لابد مقارنين ـ بأضرابه من الإنتاج الوطني لا العالمي فمقارنة "منت الناس" بالدراما المصرية أو السورية أو حتى المغاربية هو ضرب من التطرف في القياس.
وبحكم كونه تجربة جديدة ووليدة فإن " منت الناس " لم يسلم من بعض القصور والملاحظات أجملها في النقاط التالية وفي التنبيه عليها أترجم تشجيعي للقائمين عليه، وعزاء القراء أن هذه الملاحظات لم تصدر من متخصص في السنيما وإنما هي من مستهلك يستند إلى تاريخ لابأس به من الفرجة. وهذه النقاط هي:
الموضوع: لم يوفق فريق العمل في اختيار الموضوع أو "التيمه" الأساسية المناسبة للجمهور الهدف. رغم أن مواضيع المسلسل متشعبه وحاولت معالجة أهم قضايا الساحة من وطنية وبطالة وظلم اجتماعي ... إلا أن تربع موضوع الحب (الوافد بشكله الذي قدمه به المسلسل) على المواضيع الأخرى هو ما أحسبه سوءا في التقدير فشل المسلسل بسببه في لم شمل الأسرة الموريتانية.
الموسيقى: رغم ما للموسيقى من دور في سد ’الفراغات التمثيلية ’ والتأثير على المستقبِل (المشاهد) والتحكم في تحديد انطباعه تجاه المشهد فإن فريق " منت الناس" أخفق في اختيار موسيقى تعكس الذوق العام للجمهور الهدف والطابع الوطني للتجربة. فبدل الخلبطة الموسيقية التي وقع فيها الفريق والتأرجح بين موسيقى الحزن وأغاني الفنانة اللبنانية سيئة الصيت أليسا؛ حبذا لو اقتصر الفريق على ومضات من "اتنكري تدنيت" ولد أحمد زيدان أو ولد بوب جد أو سيمالي ولد همد فال ... ونغمات ديمي أو المعلومة أو محجوبة...
القاموس أو المعجم: لم يسلم معجم المسلسل مما أصاب موسيقاه من مظاهر التغريب أو ’التشريق’ على الأصح حيث جاءت أغلب محادثات الشخصيتين المحوريتين (فيصل ومنى) وبعض الشباب (ليلى، عدنان، سمية، الثريا...) دخيلة على اللغة الحسانية ومتأثرة جدا بلغة الدراما العربية ولا تمثل لا الطابع الوطني الموريتاني الصرف الذي ينبغي أن يكون من أولويات هذه التجربة ولا الذوق العام للجمهور الهدف.
هذا بالإضافة إلى بعض الملاحظات الشكلية والترميمات الإجرائية التي لا تنقص من قيمة العمل ولكنها تلفت انتباه المشاهد كطول المقدمة وفشل بعض الممثلين في إقناع المشاهد والتلبس بالدور المنوط به (منى، سعيد، عدنان ... مثلا) ... . وبالمقابل ينبغي حقيقة ان نرفع القبعة لممثلين استطاعوا تأدية ادوارهم بشكل مقبول رغم أن بعضهم قد لا يعرف اين تقع دار السنمائيين الموريتانيين ومنهم (لعناد، العالم، سمية، فاطمة، عيشه، مكفولة، سيدي محمد ...) والملاحظ انها أدوار لعبت حتى الآن في فرع الطلحايه.

وينبغي كذلك تشجيع الشركة القائمة على هذه الجهود المشفوعة بشرف المقصد وهو توفير دراما موريتانية بديلة عن الدراما الوافدة تعرف بالمجتمع تاريخه وأمجاده وتعرف الآخر به وبلغته وثقافته ولا أنسى هنا ان أنوه بالدور الكبير الذي تقوم به مؤسسة بلوار ميديا الإعلامية في نشر الثقافة الموريتانية حيث تسنت لي متابعة جميع حلقات المسلسل في قناة بلوار ميديا على يوتيوب بعد تعثر ذلك لتزامن بثه مع وقت الصلاة.

ليست هناك تعليقات: