أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

خرائب ثانوية النعمة "الشاهد" الذي يفند مزاعم وزراء التعليم


تقرير/ محمد ولد محمد عبد الله
عدد الوزير الأمين العام عمر ولد معطل في سمره الليلي بالنعمة قبل أربع ليال إنجازات قطاعه ، ومن بين ما تحدث عنه وافتخر به تطوير البنية التحتية للقطاع واستصلاح المتهالك منها ، وقبل الوزير المنتدب تشدق وزير الدولة للتهذيب الوطني في ميزان الشعب  الذي تبثه  التلفزة الموريتانية بالجهود التي بذلها قطاعه في مجال الاهتمام بالبنى التحتية .

 حديث ولد معطل الليلي يرى كثيرون أن النهار يمحوه ، أما  تشدق وزير الدولة فرأى فيه كثيرون أيضا مزايدة على الواقع الذي يؤكد أن مؤسساتنا التعليمية فقيرة في مجال البنى التحتية، وأن ما شهدته من تطوير بعد الستينيات والسبعينيات ظل محدودا ، وسعيا منا لإثبات هذه الحقيقة المرة ، التي يحاول الوزيران  تجاوزها ، زرنا واحدة من أعرق مؤسسات التعليم الثانوي بموريتانيا ، وأخذنا صورا منها ، تثبت أنه ليس من رأى كمن سمع .
هذه المؤسسة هي ثانوية النعمة ، تأسست في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي ، ومنها تخرج كثير من أطر منطقتنا الشرقية ، فمن رحمها خرج أكثر من وزير أول ، أما المديرون والأمناء العامون الذين كانت أماً  لهم فحدث عنهم ولا حرج ، لكنها اليوم تقف شامخة شموخ النخيل وهي تندب كل أولئك البنين الذين لم يحسنوا إليها بعد أن بلغت الكبر، بل يمكن القول إنها عانت من عقوقهم في شيخوختها ، وعدمت من بينهم من يترحم عليها بعد ما ربته صغيرا .
في حضنها اليوم نحو سبعمائة تلميذ ، تعكف على تغذيتهم بالعلوم والمعارف ، وتتمنى أن لا يتبعوا سنة من سبقوهم من بنيها الذين لم يعرفوا لها حقها وهي أحوج ما تكون إلى الرعاية والصيانة .
في فصولها يدرس نخبة من الأساتذة الذين آمنوا بمهنتهم ، وتفانوا في التضحية في سبيلها ، رغم بعد الشقة ، وغياب النصير .
زرنا المؤسسة ووقفنا على أطلالها الدارسة ، وأخذنا صورا من هذه الأطلال ليشاركنا المشاهد البكاء عليها ، ثانوية النعمة تفتقر إلى كل شي ء سوى الطاقم التربوي المثابر والمنتج ، تفتقر لجدار يحميها من غزو الماشية ، ويساعد في ضبط تلاميذها ، بعد سقوط الجدار السبعيني الذي يحيط بها ، وداخل الجدار الذي تريد بقيته أن تنقض ، تقع مجموعة من الدمن والخرائب التي سقط بعضها بفعل التقادم ، والبقية في طريقها إلى السقوط ، وأصبحت تشكل خطرا على حياة التلاميذ إذا لم تتداركها عناية غير عناية الوزير المنتدب ووزير الدولة للتهذيب الوطني الذين  زارا  ، وصحبا مديرها في رحلة اطلاع على معاناتها ، وتعهد كل منهما بوضع حد لهذه المعاناة ، لكن وعد ولد باهية عضه "بقريس  ".  ولا يتوقع أن يكون وعد الوزير المنتدب قبل أيام بترميم المؤسسة أحسن من وعد شيخه .
مدير المؤسسة أكد في تصاريح صحفية متكررة وفي أحاديث بينية  أنه راسل الوزارة مبينا لها وضعية المباني المتهالكة بالمؤسسة ، وطلب منها ترميمها ، أوتشييد مباني جديد ة تليق بصرح علمي يماثل المؤسسة في الشموخ ، لكن مراسلاته لم تؤت أكلها ، ربما لأنها لم تجد آذانا صاغية ولا قلوبا واعية من قبل من أرسلت إليهم ولا من مرت بهم في طريقها إليهم ، وصدق على مدير الثانوية في هذا المقام قول الشاعر :

لقد أسمعت لو ناديت حيا   ولكن لا حياة لمن تنادي

إن صور خرائب ثانوية النعمة هذه لتفند بما لا يدع مجالا للشك مزاعم  الوزيرين  الاهتمام بالبنى التحتية لقطاعهما  ، إلا أن المباني وحدها بثانوية النعمة ليست هي ما يناقض تصريحات الوزير وخطاباته "الانتخابية " ، بل إن واقع الإنسان بالثانوية لايختلف عن واقع الجدران ، فالمؤسسة تضم نخبة من الأساتذة ، شهد لهم مديرها بالتميز والمواظبة والعطاء  ، لكن جهود الأساتذة لم تلق ما تستحقه ، ولم يتم الاعتراف لهم بها ولو بكلمة شكر .

احترام الوزيرين للأساتذة وسعيهما لتعزيز مكانتهما وتحسين وضعهما لا يعززه نسيانهما  لأساتذة ثانوية النعمة ، كما أن هذا الإهمال لا يترجم ما مدح به كل من الوزيرين  نفسه من القرب من منتسبي قطاعه .

ليس الأستاذ وحده هو الذي يترجم معاناة الإنسان داخل ثانوية النعمة فالتلميذ أيضا يعاني ، ولا زال تلاميذ الثانوية ينتظرون بفارغ الصبر حصتهم من ملايين الكتب المدرسية التي تحدث عنها الوزير المنتدب ووزير الدولة  ، فمؤسستهم خالية من الكتاب المدرسي إذا ما استثنينا قليلا من كتب السنة الرابعة ، والتي لا تغطي عدد تلا ميذ المؤسسة ، فأين توفير الكتاب المدرسي سيادة  الوزراء  ؟
وبالجملة فإن واقع ثانوية النعمة بالجملة والتفصيل يناقض ويفند ماذهب إليه وزراء التعليم ــ بكبيرهم وصغيرهم صاحب اللحية منهم وغير الملتحي ــ  من عنتريات في أحاديثهم المتكررة ، وما بقية مؤسسات التعليم منها ببعيد ، وعليه فإننا نقترح على الوزيرين  أن يقللا من كلام الليل فإن النهار يمحوه بشواهد الخرائب التي يبرزها لأعين الناظرين فضلا عن الزائرين .

ليست هناك تعليقات: