أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

وشاح تنشر مذكرات أعماقي


       مذكرات أعماقي ...
يكتبها: أبو ياسين
الحلقة الأولى
___________________
لن تكون هذه المذكرات مذكرات بالمصطلح العادي سياسيا ولا تاريخيا .. ستكون إن شاء الله مجرد تدوينات وملاحظات على ما خطر بالذهن من نوادر الماضي وطرائف الحاضر على أن تكون صبغتها العامة "التعامق" نسبة الى موريتانيا الأعماق ..

لن تكون مشاهدات ولا سيرة كاتبها مصدرها الوحيد، ولن تهتم بذلك الا بوصفه جزء من عالم الأعماق المتلاطم الغريب .. عالم الأعماق المتلون بألوان الطيف، وألوان كل الرؤساء، فإذا كان لكل رئيس لون فإننا "علبة ألوان" نأخذ لكل رئيس لونه المناسب!
ستكون كل نبضة "أعماقية" وكل ترنيمة تأتي من عالم الأعماق العميق في مآسيه، البعيد في جغرافيته، البريء في طباعه، الساذج في سياساته، اللذيذ في عذاباته، مصدرا أساسيا ورئيسيا في هذه الخواطر (المذكرات)
قد لا تكون الفصحى أيضا هي اللغة الرئيسة في كتابة هذه المذكرات.. ففي اللهجة أحيانا تعبير عن الرسالة بشكل أقرب الى الذهنية العامة من الفصحى لذلك قد نعتمد عليها أكثر...
****************
"
الناس جاو .. الناس جاو يخليكم" ... كان نداء ذلك الرجل الخمسيني بين صفوف الجماهير الغفيرة المتدفقة على جنبات الرصيف، تدفق النخيل على جنبات "قصر الرشيد المشيد"، في عاصمة الولاية "الأولى" في الأعماق كافيا "لاتشعرين جل آلاف الناس" .. لقد تشعرن جلي آنا بكل تأكيد ..
كان الرجل يجري .. يجري .. بسرعة البرق جيئة وذهابا بين الصفوف وكانت قشابته طايره كبالونة في رقبته.. كان ريقه يتطاير وكان ريقا أبيضا جدا بسبب كثرة صراخ الرجل وعطشه فالفصل صيف ... دائما الرؤساء يحبون التفرج على مآسي الأعماق صيفا حيث يبلغ الحب العذري بين طرفي القصة ذروته في الصيف .. فلا عناق بيننا كموالين وبين الرؤساء.. ولا وجود لأي شي محكوم بالايد .. سوى ما ذهب الى جيوب الكبار.
بلغ الحماس ذروته عندما اقتربت سيارات الوفد الرئاسي .. كانت كل قبيلة مصطفة على فقرة من الطريق .. وبدأ التمجاد يعلو فكل قبيلة جلبت خيلها وجمالها وزغراتاتها وطبولها.... كل قبيلة تدعي أن طبلها هو الرزام وتظن أن خيلها من سلالة المزوزه أو النعامة...
بدأت شعارات القبايل حتى لا يعرف المتابع إن كان المداحون يمدحون الرئيس بتمجاد قبايلهم أم يتفخرون عليه.. بدأ اطلاق الرصاص في السماء.. كلنا اعرب حتى الزوايا اعرب الآن لأن الموقف يتطلب ذلك. كما سيتطلب موقف آخر في رحلة قادمة استزوي الجميع حيث سنفتح الكتب كلنا عربينا وزاوينا .. تأييدا للكتاب!
كلما وصل الوفد الى فقرة قبيلة ما يصيحون عليه بتمجادهم فكانت " أجاد، وأجم، وحيدره (بجميع تشكيلاتها)، وشرافيه، وسيبه، ودردش، وسفوه، والمعط ساب، وجكوه، ومن داود ، والحك جا، والمخ وبابيه.. الخ" تملأ بين السماء والأرض.
كان أبو شامه مرتاحا كان يشعر بالفخر لأن شعب كهذا يستحق رئيسا مثله. كان على يقين أننا كشعب "متعمق" إلى هذه الدرجة نتطابق مع مواصفات رئيس مثله تماما.
لقد كان ذلك بداية التسعينات. أكثر من نصف عقد من الزمن مضى حينها على خطاب النعمة التاريخي، خطاب لقبيلات. حيث هاجم الرئيس القبلية ليعود ويمتطيها.
كان شيوخ القبايل ومشايخها يستعرضون وحداتهم القبلية جيئة وذهابا، أغلبهم كان يركب سيارات فارهة، ويلبسون دراريع بزاه العليه. بينما كان أغلب جنودهم "الجمالة" و"الخيالة" والمشاة الذين جلبوهم. يلبسون دراريع 42 الشكه. كانوا عطشى جوعى، هلكانين وهلكان حيوانهم....
كنت أنا وزملائي في بداية المرحلة الاعدادية، أعمارنا بين 12 و14 سنة. لا تنساو ان الحالة المدنية غير دقيقة حتى الآن، فنسبة تسعين بالمائة من الموريتانيين ولدوا 31/12. الحمد لله ال ماه 12/ 12 ربما لم تخطر لهم فكرتها حينها والا لولدنا 12/ 12 المجيد. ثم إننا معشر الأعماقيين نكبر بسرعة الضوء مع اقتراب موعد الانتخابات (ابنة أختي كان عمرها 9 سنوت تقريبا واستخرجنا لها بطاقة تعريف بعمر 18 سنة لتوصت وما زالت تعاني حتى اليوم من هذه المشكلة).
يتتابع ...
أعلى النموذج
أسفل النموذج

ليست هناك تعليقات: