أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

حديث واحد في عناوين شتى! بقلم أبو بكر ولد الداه ولد بيجاه


مر رجل بشاب يصلي في فلاة فسلم عليه فلم يرد عليه السلام وواصل صلاته ، فلما ألحَّ عليه كتب    بإصبعه في التراب :
مُنع اللسانُ عن الكلام لأنه    هدف البلاء وجالب الآفات 
فإذا نطقت فكن لربك ذاكرا   لا تنسه واحمده في الحالات
فرد عليه الرجل قائلا :
وما من كاتب إلا سيبلى    ويفني الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء    يسرك في القيامة أن تراه
فعُمقُ الرقابة واستشعارُ قول الله تعالى (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) هو الذي ألهم الرجلين تلك المعانيَ السامية ، وإن كان يلاحظ في الأول نوع من الورع صاحبته غفلة ؛ لأن تعطيل اللسان عن قول الحق والصدع به لا يقل خطرا عن إطلاقه وعدم الرقابة عليه فـ"الساكت عن الحق شيطان أخرس" كما في الحديث ، بل إن الأولوية لقول الحق على الصمت عن الباطل في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" ووُجد ابن عباس آخذا بلسانه وهو يقول :"قل خيرا تغنم أو أسكت عن شر تسلم ، وإلا فاعلم أنك ستندم" .
فالغنيمة عند العقلاء أفضل من تعطيل وسائل النفع بحجة السلامة أو انسياقاً مع الخوَر والجبن:
حب السلامة يثني هم صاحبه    عن المعالي ويغري المرء بالكسل
وأقصى ثمرات الجبن أن لا ربح ولا خسر ، وهذا انحطاط عن مقام أولي الهمم العلية .

فإذا علم العاقل هذا ووازن بين نفع القول ، ودفع ضر الصمت لزمه تحري الصدق والموضوعية ، والتزاماً بهما - إن شاء الله – أتحدث للقارئ من خلال عناوين لن يعجز عن الربط بينها إن وفقه الله :
1 – لا يقبل الهوان إلا الأذلان :
أبعد الناس عن قبول الذل والهوان العربي الذي أعزه الله بالإسلام ؛ فهو لا يقبل الذل ولا يرضى الخسف ولا يستكين للظلم ؛ قد جبل بعربيته على الإباء وعزة النفس ، وزاده الإسلام استعلاء بصلته بالله العلي الكبير ، وبتشبثه بآيات القرآن المجيد كقوله تعالى (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) وقديما قالت العرب في جاهليتها :
إن الهوان حمار الأهل يعرفه  و الحر ينكره والرُّسلة الأُجُد
و لا يقيم على خسف يراد به   إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مشدود برمته   و ذا يُشجُّ فلا يَرثي له أحد
فإن أقمتم على ضيم يراد بكم   فإن رحلي له والٍ ومعتمَد
و في البلاد إذا ما خفت بادرة   مكروهةً عن ولاة السوء مفتقَد
فإذا كان هذا حال العربي الجاهلي أفلا نكون – في الجمهورية الإسلامية الموريتانية – أولى به وأجدر ؟!!
2 – إنما جزاء الوغد النبذ :
إذا استيقظت الأمة من سُباتها العميق ، وعرفت أنها ليست قطعانا تساق للمراعي وينعق بها الرعاء ، واستشعرت أن لها الحق في أن تحكم نفسها بإرادتها وتساس بمشورتها وموافقتها ، وأن باستطاعتها فرض إرادتها ومشيئتها على من يحكمها فأيقن أنها استعادت مجدها ، واسترجعت كرامتها وعزتها :
لو أننا كلما أبدى تسلطه   في أرضنا حاكمٌ وَغْدٌ نبذناه
ما أصبحت أمة الإسلام سخرية  أو رام فيها عدوٌّ ما تمناه
3 – تشابهت قلوبهم :
في خطاب حضره جمع من المواطنين في انواذيبو وعلى مرأى ومسمع من العالم وأمام الكاميرات سخر الجنرال ولد عبد العزيز من المتدينين وأصحاب اللحى وربط بين إعفاء اللحية وبين الكذب ، وكأنه بذلك يعطى الضوء الأخضر لأتباعه من مسؤولي الدولة فصادف ذلك هوى في نفس سيداتي ولد الشيخ ، مدير ثانوية النعمة ليقول هو الآخر عن الداعية المربي والعالم العامل الشاب القطب ولد عبدولي :"جاءنا رجل له لحية وقرأ القرآن ويصدق فيه قول الله : (كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به) فانظر كيف لم يجد له من عيب إلا أن له لحية ويقرأ القرآن ، فربط بين هاتين الصفتين الشريفتين وبين الإجرام وعدم الإيمان ؟!
وفي عهد دكتاتوري بائد قدم أحد علمائنا من خارج الوطن وكان يمثلنا في مسابقة دولية كان هو الفائزَ فيها رافعاً رؤوس الموريتانيين ، فاستقبل بالاعتقال من المطار وأدع السجن جزاء رفعة شأن الوطن !
وهاهو الأمر نفسه يحصل معي شخصيا وفي عهد دكتاتوري حاضر ، فقد أكرمني الله – في الشهر الماضي - بالفوز في مسابقة كبرى على مستوى الوطن في فهم القرآن والاستنباط منه ، وحصلت على "الأول" في تلك المسابقة مما أثار استغراب الكثيرين أن يفوز شاب مثلي – من الولاية الأولى – بهذا المستوى المشرّف ، وبدلا من استقبال الوالي أو الإدارات التعليمية الجهوية أو غيرها واحتفالها بي استقبلتني شرطة الولاية – صحبة الأخ الكريم الداعية أحمد ولد سعدنا - بالسجن إثر كلمة توجيهية في الثانوية أثناء الفسحة لم يأذن بها المدير!!
4 – إذا لم تستح فاصنع ما شئت
إذا حرم الرجل من ضمير يؤنبه ، وخلق يتحلى به ، وحياء يتسم به ، وعاطفة تقربه من الناس ، وتعرّفه الحسن من القبيح فبطن الأرض خير له من ظهرها :
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحْيِ فافعل ما تشاء
فلا والله ما في العيش خيرٌ ... ولا الدّنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ... ويبقى العود ما بقي اللّحاء
موعظة:
رزقت الحيا كن للحياء ملازما   فبعد الجلا يخشى عليك جلاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: