أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

ولاتة والفن المعماري الضائع


ولاتــة ( مدينة تاريخية تقع في ولاية الحوض الشرقي "الموريتاني" وهي تبعد عن مدينة النعمة عاصمة الحوض الشرقي حوالي: 120 كلم ، وتبلغ مساحتها 134.000 كلم (أي ثلثي المساحة الإجمالية للولاية) ، وموقعها الفلكي يقع بين 71.5 - 23.5 شمالا ، و7 - 9 غربا ، وهي تحتوي على مكتبات شهيرة ، وبنيات وزخارف جميلة ، وتعتبر من أجمل المناطق في موريتانيا ، كما تلعب المدينة دورا كبيرا في المجال السياحي حيث تحتوي على مؤهلات سياحية كبيرة.
 

وهي مدينة عتيقة من أقدم الحواضر الصحراوية ، وتعتبر اليوم من أهم المدن الأثرية في موريتانيا ، من حيث المكانة التارييخة والعلمية والثقافية التي لعبتها المدينة خلال الفترات التاريخية المختلفة ، ومن ناحية أخرى أصبحت تعتبر من أهم المناطق السياحية في البلاد ، فهي تختلف عن باقي المدن بفن معماري أصيل ، وزخرفة بديعة اشتهرت بها النساء الولاتيات ، والتي جعلت من المدينة الأثرية تحفة فنية بهرت زائريها وجعلتهم يزدادون كل عام وينقلوا مايرونه إلى بلدانهم الأصلية ، ولهذا سنحاول في البداية إعطاء لمحمة مختصرة عن هذا الفن الذي يعتبر تراثا تجب المحافظة عليه وإعادة الاعتبار له وللمدينة التي تكاد تكون في طي النسيان.

عرفت مدينة ولاتة – كغيرها من المدن الصحراوية- نهضة عمرانية تميزت بفن معماري له طراز وزخرفة بديعة ، فالمدينة تقع على سفح جبل ، وقد بنيت عليه لاعتبارات من بينها: الأمن ، مواجهة الخطر الخارجي ، الكوارث الطبيعية..الخ" ، وقد جاءت جهة الشرق ، فهي مدينة حمراء مبنية بالحجارة والطين ، بها الجامع الكبير الذي يوجد وسط المدينة ، وهو أقدم بناية في المدينة حيث يعود بناؤه إلى القرن الثاني الهجري ، أما البيوت فأغلبها مكون من طابقين علوي وسفلي ، لها مدخل عام يسمى: "فَمْ الدّارْ" ، وتصميم معماري جميل ، وتعرف المدينة سكنا واحدا وهو: "البيت الولاتي" ، عكس المدن الأخرى التي توجد بها الخيام وغيرها ، والخروج في فصل الشتاء والخريف ، كما تتخلل المدينة شوارع وأزقة ضيقة متشابهة من لا يعرفها قد يتيه فيها ، لهذا فالمدينة بجمالها تسحرك وأنت تنظر إليها من أعلى رأس الجبل حيث تشاهدها وهي ذات دور مزينة ومشيدة بزخرفة وطراز معماري فريد.

هذا مع الإشارة إلى أننا سنحاول فيما بعد الحديث بالتفصيل عن المدينة وواقعها ، وعن هذا التراث الضائع الذي يفتقد إلى اهتمام كبير من قبل الباحثين والمهتمين بهذا المجال الذي يعتبر مجالا حيويا ذا أهمية كبيرة ، ولكوني باحثا في هذا المجال ومهتما به فقد ارتأيت وضع بعض التوصيات الهامة في هذا الجانب والتي من أهمها:
1.
أن المحافظة على الهندسة المعمارية يجب أن لا تقتصر فقط على عمل ترميمي للمباني (رغم الأهمية الكبيرة لهذا الجانب) ، إن الأمر يتعلق بشيء أبعد من هذا التصور ، وذلك من خلال القيام بحملة واسعة من أجل التعريف بالتراث الثقافي ، وإبراز الأهمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للمحافظة على التراث المعماري ، فالتراث بالنسبة لبعض المجتمعات شيء روحاني ووجداني ، لهذا ينبغي الاهتمام بهذا الجانب ، حتى يدرك المجتمع أن هناك تراثا آخر إلى جانب ذاك ، لا يقل أهمية عنه تجب المحافظة عليه.
2.
تنبغي المحافظة على فن الزخارف الولاتية والبحث عما ترمز إليه هذه الزخارف ، مع تطويرها ودعم الهيئات التي تهتم بهذا رغم قلتها ، وذلك لكي لا يطرأ عليها جديد أو دخيل ، مما يجعل فهمها أصعب.
3.
إنجاز كتاب عام ومرجعي عن المدينة يتناول: الجانب التاريخي ، الثقافي ، الإجتماعي ، فن العمارة والزخرفة الولاتية ، يكون من إنجاز باحثين ومؤرخين مهتمين أساسا بهذا الجانب ، وخاصة من له القدرة على تبيين الواقع وإعطاء اقتراحات أساسية وهادفة في موضوع يعتبر قيد النسيان ، رغم أن الوسط الجامعي والمؤسساتي يحتاج لهذا التخصص.
4.
تمويل مشاريع اقتصادية واجتماعية ، لخدمة المجتمع الولاتي ، مع برمجة إعادة تأهيل المدينة وخاصة: "المسجد العتيق ، المتحف ، الحفاظ على المكتبة العامة ، المقابر...".
5.
بناء معهد في المدينة يهتم بتدريس وتكوين جيل جديد ، متخصص أساسا في تدبير التراث الثقافي ، والحفاظ على المدن التاريخية ، ودراسة التراث المعماري ، مع الاهتمام بالجانب السياحي.



الأستاذ الباحث: إبراهيم ولد سيد محمد
.

ليست هناك تعليقات: