أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

موسم الأرزاق....في الأعماق!!

بقلم: الدكتور : حسن احريمو
أعتقد أن موعد سباق الانتخابات التشريعية والبلدية الموريتانية قد أشرف أو أزف الآن تقريباً، ومن بركات هذه  ‏الاستحقاقات السياسية أنها عادة ما تفتح أبواب الرزق لفئات عريضة من المجتمع، تهملها الدولة والساسة طيلة سنوات الولاية الانتخابية. وفي مقدمة تلك الفئات تأتي السيدات الفضليات الشريفات العفيفات اللواتي يكسبن قوت أطفالهن من العمل في خياطة الخيام.
والعمال اليدويون الذين يستعان بهم عادة في سلخ الذبائح وإعداد الولائم الانتخابية. ومتعهدات تنظيم المهرجانات، وكذلك السائقون، والفنانون الشعبيون، وشعراء المواسم، وفقهاء الفتـّة، وبعض «وجهاء» الأعماق المعتمدين الذين يعتبرون عادة هم الأقرب إلى القاعدة الشعبية. ويتحرك أيضاً في هذا الموسم المبارك رزق بعض عتاة الاسترقاق السياسي الآخرين الذين يبيعون أصوات القبائل والفروع القبلية بالجملة والتقسيط، لمن يدفع أكثر من اللوائح. ويسترزق في هذا الموسم كذلك بعض الإداريين، مستوري الحال، الذين لا يجدون في مرتباتهم كفافاً، ولذلك يسألون الناس في مثل هذه المناسبات إلحافاً وإتحافاً. وهم قادرون على مساعدة "فاعل الخير" الذي يدفع أكثر، ابتداءً من الدفع بترشيحه على لوائح الحزب الحاكم، مضمونة الفوز، وانتهاء بتسخير لعبة تدوير محتويات صناديق الاقتراع، وفق قوانين فيزياء سوائل الأواني المستطرقة، وخاصة أن أي إداري مخضرم، من هذا النوع، يفترض أن يكون على قدر من الدربة والدراية في ألعاب خفة اليد، بما يسمح له بجعل الخاسر فائزاً والفائز خاسراً، بالحبر السري أو الجهري، دون أن تطرف له عين، ودون أن يبين مكان الكسر والتركيبة والجبر. ويتحرك أيضاً رزق صحافة نصف الكم، وينتعش أطر الأعماق المنسيون في إقاماتهم الجبرية في الدواخل البعيدة، هذا طبعاً دون إغفال موظفي اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وبعثات الأحزاب، وممثلياتها الجهوية، ومسيري بقالاتها الموسمية، وأصحاب المبادرات، والانسحابات، والباعة الجائلين، ومتسكعي المواسم، والمتسبّبين من أهل سر الحرف، ومنعشي المهرجانات من أهل ملاحة اللسان والظرف، وباعة الملاحف، ومؤجري الطناجر والزرابي والقطائف، والخطاطين، والعياطين، والخرّاطين عن العظم... وهؤلاء الأخيرون هم الأهم... وما خفي كان أعظم.

ليست هناك تعليقات: