أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

ليس دفاعا عن الرئيس! ولكنها الحقيقة

بقلم: السعد بن عبد الله بن بيه
هل يمكن أن أحس بالحرج ،هذا ما يعتقده بعض الاصدقاء الطيبون والماكرون في الفضاء الافتراضي،-على ضوء قراءتهم المغلوطة لمفهوم التحفظ وبمن يتعلق تحديدا وفي ماذا؟- حين يتعمدون تقصي وجهة نظري حول الأوضاع البيئية المزرية والصعبة لمدينة   أنواكشوط هذه الأيام، وبعيدا عن الإجابات العاطفية للسطحيين البسطاء، وبعيدا عن الإجابات السياسية للمعارضة، والتي تمثل تكتيكا في استراتيجيتها العامة للنيل من سمعة النظام، وتسجيل النقاط على حساب النزاهة الفكرية، أجيب بالتالي:
أولا: مشكل الاستدامة المزمنة: الأمطار مشكل مزمن ،والأدهى والأمر تزايد مؤشرات استدامة هذا المشكل في ظل التغيرات المناخية في العالم.
ثانيا: نحن ندفع فاتورة اختيار العاصمة، على أساس انطباعي ...وأشياء أخرى....، وليس بناء على دراسات علمية ومستقبلية واضحة، فضلا عن تخلف تصميم البنية التحتية ومحدودية استجابتها للتطورات المتوقعة.
ثالثا: التراكمات - نعم ذلك الوصف الحقيقي المزعج والمثير لحساسية البعض- المتعلقة بموضوع الصرف الصحي ، والذي لم يمثل موضع عناية خاصة في السياسات العمومية المتعاقبة للحكومات، رغم اتساع العاصمة وزيادة عدد سكانها على إثر الهجرات المتتالية ،إثر فشل سياسات التنموية ، في تثبيت سكان الريف وتنمية نشاطاتهم الاقتصادية (الرعوية والزراعية...)، واحتكار العاصمة للمرافق الحيوية العامة الإدارية وغيرها.
البعض مولع بالبحث عن من يوقع عليه المسؤولية، ورغم قناعتي بأن هذا قد لا يساهم بحل هذا المشكل العملي، إلا أنني أقول أن المسؤولية مشتركة بين كل الحكومات السابقة -لإهمالها- ،والحالية لسبب بسيط أنها مسؤولة أمام الناس، وهي من تحكم ،والحكم مسؤولية للقيام بأعباء ومشكلات الناس ،وليس هبة أو منحة طبيعية .
ما الحل؟                                           
من الواضح أن رئيس الجمهورية كعادته وصف المشكل بكل حياد تقني، فأشار إلى عنصرين رئيسيين :
الأول :يتعلق باشكال التمويل -ارتفاع كلفة المشروع-، ومن يظن أن كل دولة قادرة على تمويل وتنفيذ كل مشاريع البنية التحتية ،يكون ليس واهما وإنما لديه جهل بأساسيات وأساليب التمويل المالي  والإقتصادي، لمشاريع البنية التحتية ذات الكلفة العالية والمردودية بعيدة المدى، مما يصعب الحصول على التمويل والقروض – أرجو أن لا يسفسط أحد المستسهلين لكل شيء ويتحدث عن فرضية التمويل الذاتي-
الثاني: اشكال الدراسة ،فهذا النوع من المشاريع والذي تواجهه مشكلات تقنية ملموسة، مثل: انخفاض انواكشوط عن مستوى البحر ،وتآكل الحاجز الرملي بفعل الاستغلال الجائر والاعتداء على البيئة....غالبا ما يحتاج دراسات تقدم حلول غير نمطية ولا تقليدية، ربما نقول ابداعية بحيث تحتال علميا وتقنيا، على تلك المصاعب التقنية وعلى التكلفة المادية الكبيرة ،وبالرغم من أن الدولة أعدت بعض الدراسات وانفقت عليها ،إلا ان الدراسة "المثال" لم تتوفر بعد.
ثالثا: يبدو من خلال برنامج رئيس الجمهورية – الذي رجعت إليه- وكذا السمات العامة لأدائه التنفيذي، اهتماما مبكرا بالمشكلات المتعلقة بنوعية الحياة في العاصمة، وكذلك المشكلات والعوائق المتعلقة ببنيتها التحتية، فبخصوص الشبكات الطرقية، فإن الرئيس وفي حدود مسؤولياته التنفيذية أعطى التوجيهات والأوامر، ورصد الميزانيات المناسبة لخدمة هذا الغرض التنموى (إقامة الطرق) بل وتعدى ذلك إلى الزيارات الميدانية للورش.
وفيما يتعلق بالصرف الصحي، فقد دفع الرئيس بهذا الملف إلى واجهة الأجندة التنموية، كمشكل يحتاج المناقشة والدراسة واتخاذ التدابير الملحة، ولو في حدها الأدنى بكل واقعية حتى التغلب على الصعوبات آنفة الذكر.(فماذا نفعل باللامبالاة والخيانة المستوطنة في عروق بعض المسؤولين)
هذا كله لا ينفي أنه وبالرغم من التحسن العام للعاصمة بالنسبة لأوضاعها السابقة ،بأن قضية البنية التحتية لها لا تزال  ملحة وبحاجة للمراجعة واعادة التقييم ،مع علمنا المسبق أن تنفيذ المشاريع العمومية يحتاج الوقت والصبر والتبصر، إلا أن مستوى النقمة وخيبة الأمل لدى الكثير من المواطنين، وخصوصا الشباب الذي دفع بهذه القضية لتمثل موضوعا للنقاش العمومي في الاعلام التواصلي مبررة، خصوصا على ضوء تصريحات بعض مسؤولي القطاعات المعنية بالصرف الصحي ، وبشبكة الطرق والتى أثارت الشفقة والسخرية، أكثر مما أقنعت شباب محبين لوطنهم حد الوله ومطلعين على العالم من حولهم. لا أريد أن أضرب مثلا بتلك التصريحات السيئة والمخادعة والمكشوفة.
لمست من الكثيرين ممن حاورتهم أنهم بانتظار مؤشرات محددة، أقلها الدفع بكوادر بشرية لديها الكفاءة التقنية والرؤية والإرادة اللازمتين ،والإحساس بما يعنيه مشروع البناء الوطنى ،بل إنه ليس من المبالغة أن هناك أمل ودعوة لغضبة رئاسية، تودي بالمسؤولين التنفيذيين الرئيسيين الذين لديهم مسؤولية مباشرة، تتعلق بتنفيذ الشبكة الطرقية والتخفيف من آثار غياب شبكة الصرف الصحي.
ما أنا على يقين منه أن الشباب الموريتاني، يطمح لمناقشة مشكلات أخرى في السنوات القادمة لا علاقة لها بالصرف الصحي.
في الأخير؛ وقبل أن أختتم سألقي فكرة تحتاج الكثير من الموضوعية والمناقشة ،وهي أن ما يلحظه البعض من التقصير أو عدم التطابق بين المعلن والنتائج ،يطرح استنتاجين خطيرين:
الأول :يتعلق بفرضية تقول أن النظام الإدارى الموريتاني -الإدارة البروقراطية بشكل أكثر تحديدا –مناهض للتغيير الذي يطمح له رئيس الجمهورية والشعب الموريتاني.
الثاني: يتعلق بمستوى فعالية المؤسسات ،بما فيها –ولنكن صريحين –مؤسسة الحكومة، فالعمل التنفيذي للسياسات العمومية أصبح قابلا للقياس الكمى والنوعي.
ما أعرفه بكل موضوعية، وبعيدا عن التهمة الجاهزة – المحاباة والنفاق للنظام- ،أن المتتبع الموضوعي لسلوك صانع القرار (الرئيس)، يلاحظ أن البرنامج المطلوب والقرارات المتعينة، والتوجيهات والأوامر والقوانين ورصد الامكانيات المادية والبشرية ،كلها أمور ملاحظة ومعروفة ، إضافة للإحساس والتوصيف الصريح و البارع للمشكلات كما هي، والديناميكية والحيوية اللافتة لشخص الرئيس في أداء مهامه ،بهذا يجب العودة إلى دراسة النظام كمجموعة مؤسسات ومستويات وآليات وتدابير، لمعرفة أين تكمن مشكلات عدم التنفيذ الذي يشتكى منه البعض ، قناعتى الشخصية إن أي نظام سياسي عقلاني –لا سيما النظام الحالى- مستعد للتقييم والمراجعة دوما بل والانصات للمواطنين الغيورين فعلا على الوطن، وليس على مصالحهم ومكاسبهم الشخصية على حساب المصالح العامة.

هذه هي إجابتي المعلنة عن هذا المشكل العملي الكبير الذي يعاني منه سكان العاصمة، والتى حاولت مقاربة الحقيقة من خلالها ،بعيدا عن الدعاية السياسية الرخيصة، قناعة منى أن الدفاع عن الرئيس الموريتاني سيتكفل به التاريخ الموضوعي للأحداث السياسية ،فضلا عن تهافت وضعف اتهامات المناوئين لهذا النظام ،وفشلهم الواضح في اثبات وتدعيم إدعاءاتهم، التى لا يقوم عليها دليل، مما يجعلها تصنف في إطار منافسة الكسب السياسي والدعائي لا غير ، وهو ما يعف العقلاء عن تناوله.

ليست هناك تعليقات: