أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

قراءة في مضمون استقالة معالى الشيخ عبد الله بن بيه

بقلم: محفوظ ولد ءافه
لقد شكل بيان العلامة الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه الصادر قبل يومين علامة فارقة في هذه اللحظات من حياة المسلمين الذين تقبل عليهم الفتن والمصاعب بشكل قاس ومؤلم يتطلب من الإنسان العادي رأيا وموقفا أحرى نخبة المجتمع المسلم ومرجعياته الدينية والعلمية. فالعلامة الشيخ عبد الله بن بيه هو في الوقت الحاضر من أهم المرجعيات الدينية للمسلمين في مشارق الارض ومغاربها، و حتى للأقليات المسلمة الموجودة في دول وأنظمة غير مسلمة يعتبر معالي الشيخ مرشدا ومرجعا في الفتوى والملمات التي تواجهها في أوضاعها المختلفة.
وليس أدل على ذلك من زياراته المختلفة التي يفد إليها الألوف المؤلفة في كل مكان وصل إليه سواء في الدول الإسلامية أو الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة أو كندا أو أي مكان آخر، حيث يطمئن المسلمون في تلك البلدان وغيرها للفتاوي التي يصدرها الشيخ والتي تنير لهم طريق الهدى دون غلو أو شطط أو قفز على الواقع أو جهل به أو تجاهل له ، فتاوي ميزانها " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن.
ومما أثلج الصدور في بيان استقالة الشيخ هو التركيز على أن جهوده المتواصلة لرأب الصدع والدعوة الى الاصلاح والمصالحة تتطلب خطابا إصلاحيا يرتكز على الوسطية و الاعتدال و التسامح .. خطاب يجمع و لا يفرق.. يوحد ولا يشتت ..يشد أزر الأخ والصديق ويرد كيد أعداء الأمة .. خطاب لا يتحزب و لا يتعصب ..خطاب العدل .. خطاب السكينة والسلام.
وبالتالي لن يكون من الممكن الاستمرار في إطار الاتحاد العالمي ، نظرا لأنه في الآونة الأخيرة ابتعد في نظر الكثيرين عن الإجماع الذي سار عليه منذ تأسيسه ، حيث بات يصدر البيانات حول مواضيع مختلف عليها بين أعضائه ، ليس هذا فقط ، بل يورد أسماء لبعض مؤسسيه مثل معالي الشيخ عبد الله بن بيه باعتبارهم موقعين على تلك البيانات مع العلم أنهم لم يحضروا للنشاطات المرتبطة بذلك مثل مؤتمر القاهرة في 13 يونيو الماضي ، الذي لم يحضره الشيخ كما هو معلوم، بينما ورد اسمه على رأس لائحة مصدري البيان .
وبذلك يكون الاتحاد الذي كان يؤمن به الشيخ عبد الله قد سار في مسارات أخرى بعيدة عن سبيل الإصلاح والمصالحة بين المسلمين التي نذر لها الشيخ نفسه وتثبت سيرته ومسيرته ومؤلفاته ذلك .

فهنيئا للمسلمين بهذا الموقف المؤسس على الورع و التقوى و الحكمة و البصيرة والتعقل ، وهذا ما تجلي في خطاب الاستقالة الذي أنهاه العلامة الشيخ عبد الله بن بيه بالدعاء لأخوته العلماء في الاتحاد ، متضرعا لله سبحانه أن يكلأ الأمة المحمدية بلطفه ورحماته و بركاته.. وإنها لعمري دعوة الصالحين والعلماء العاملين تابعي سنة خير المرسلين عليه الصلاة والسلام.
إن مكانة العلامة الشيخ عبد الله ليست وليدة اللحظة ، بل هي تتويج لعمل علمي ودعوي إسلامي أصيل ابتدأه العلامة الشيخ من محظرة والده عالم الحوض وأول قاض بالجمهورية الاسلامية الموريتانية الشيخ المحفوظ بن بيه ، التي تخرج منها عالما في علوم الشريعة و لغويا متمرسا في علوم اللغة العربية و آدابها .
يشهد على ذلك عشرات المؤلفات في عويصات المسائل وأمهات القضايا التي تهم المسلمين في حاضرهم و مستقبلهم .
بالإضافة إلى سجل حافل لمعالي الشيخ عبد الله بالنشاطات العلمية والدعوية البارزة في العديد من الدول.. وكذا الهيئـات والمجمعات الفقهية الاسلامية العالمية ، كهيئة الإعجاز العلمي في القرآن و السنة ، والمجلس الأعلى العالمي للمساجد ، و الهيئة الخيرية العالمية الإسلامية في الكويت ، ومؤتمر العالم الاسلامي في كراتشي بباكستان ، و المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث ، والمجمع الفقهي الإسلامي بالهند ،  رئاسة المركز العالمي للتجديد والترشيد في لندن ببريطانيا.

ليست هناك تعليقات: