بقلم: المختار
ولد آمين
لم يعد يخفى ما للإعلام عامة –
والقنوات الفضائية خاصة – من أهمية في إيصال الفكرة لملايين المشاهدين في وقت
قياسي بالمشارق والمغارب ، وهو ما حدا بالعديد من الجهات – أفرادا وجماعات –
لتأسيس قنوات فضائية تخاطب الرأي العام وتوصل الرسالة التي ترغب الجهة المالكة
إرسالها للمتابعين والمشاهدين ، وقد كانت بلادنا – ممثلة في الدولة – تملك قناة
فضائية منذ سنوات ، ثم شفعتها بأخرى ، ولله الحمد ، إلى أن فتح الله بقنوات
خاصة أخرى كان آخرُها تلك التي أعلن التصريحُ لها مساء الخميس الماضي .
خاصة أخرى كان آخرُها تلك التي أعلن التصريحُ لها مساء الخميس الماضي .
وكنت وما زلت وكثيرين معي نبحث عن رسالة لتينك القناتين الرسميتين
وهدفٍ تسعى الدولة – حرسها الله – لتحقيقه من ورائهما ، فلم يهتد عقلي القاصر
لمفاهيم صححتاها ، ولا لقيم شجعتاها ، ولا لتراث أبرزتاه ، ولا لخطإ صوبتاه ، ولا
عادة سيئة حذرتا منها ، أو قيمة وطنية شيدتاها .
هذا فضلا عن التخلف التقني والفني الفاضح ، فالبرامج الحوارية طويلة
مملة ، والمتحاورون المتعددو اللغات لا تترجم
لبعضهم مداخلاتُ بعض ، والفواصل الكاسرة للروتين معدومة ، والديكور باهت مستهلك لا
يتغير على مدى السنوات الطوال ، والأغاني الوطنية المكرورة منذ السبعينات ،
والمسلسلات المرغوب عنها في الخمسينات والستينات هي ما يملأ أوقات البث المقررة
24/24 دون هدف ولا خطة , والنشرات الإخبارية – المباشرة والمعادة (!) لا تبث في
أوقاتها المعلنة ، والإرشيف معدوم ، والموقع الأليكتروني فارغ بالكامل ، والأعجب –
مع كل هذا – أن البث موحد في القناتين في كثير من الأوقات والبرامج ، وكأن هدفنا
من فتح قناة فضائية ثانية دفعُ تكلفتها المادية للأقمار الصناعية لا أكثر!
ولكي أنتهج الموضوعية لا بد لي من الاعتراف بأنهما ربما تعكسان – في
بعض الأحيان – جوانب خيرة مما يشيع في مجتمعنا الطيب من الدين والخير والاستقامة ،
دون أن يكون لهذا غاية أو يرمي لهدف واضح مقصود .
وعندما فُتح البث التجريبي لقنوات وطنية خاصة فرحتُ والكثيرين معلقا
أملي على مبدإ التنافس الشريف على كسب ثقة المشاهد وتقديم النافع والممتع ، مع
تجنب ما وقعت فيه القناتان الوطنيتان من ملاحظات سببها ضعف التكوين وقلة التجربة
وانعدام سوق المنافسة ، في الوقت الذي يُعترَف بالفضل لأجلاءَ من صحفيينا يعملون في
قنوات فضائية عالمية ناجحة ، حتى إن أساليبهم تعتبر مناهجَ تدريبية معتمدة عند أساطين
الإعلام وأساتذة التدريب والتطوير ، ولولا خوف الإطالة من جهة ، وخشيتي نسيانَ
بعضهم فيُظنَّ ذلك تجاهلاً لسميتُ من تلك النماذج قاماتٍ وطنية فارعة .
لكن فترة البث التجريبي لهذه القنوات الوطنية الخاصة لم توفق في تشجيع
تفاؤلي ، ولا في إحسان توقعي ، فرأيت فيها كثيرا مما رأيت في سابقتيها ، مع قليل
من الإيجابيات لا تستحق أن تؤسس من أجلها قنوات .
فهل تنجح قنواتنا الجديدة – وفق الله القائمين عليها – في ترقية الرأي
العام الوطني :
من التصور البدوي البدائي إلى الفكر المدني الحضاري ؟
ومن الحس الفردي والفئوي إلى الحس الوطني الجماعي ؟
ومن التخندق في إيجابيات الماضي إلى البناء عليه للحاضر والمستقبل ؟
ومن التقليد الممجوج – حتى في الأسماء والأساليب – إلى الابتكار
والتميز ؟
ومن التشهير بالمعيّنين إلى علاج الأخطاء مجردة عن فاعليها ؟
ومن إبراز السلبيات الواجب سترها إلى العمل الجاد على علاجها ؟
ومن مجرد الاعتراف بالتنوع الديمغرافي إلى استثماره لتوطيد الوحدة
الوطنية ؟
ومن تمثيل نخب ذات مصالح محدودة إلى الاهتمام بمصالح العامة والدفاع
عنها ؟
ولا يتم هذا كله على الوجه المطلوب إلا بوضع خطة واضحة ذات أهداف
تفصيلية مزمّنة ومقيسة ، وعندها - بإذن الله - ستنجح قنواتنا الوطنية في تحقيق تلك
الآمال ، والرقي بوطننا وأمتنا في الوعي والفهم والعمل .
وفق الله إعلامنا الرسمي والحر لخدمة الوطن ، وبارك في القائمين عليه
، وحفظهم من كل سوء ومكروه ، والسلام عليكم ورحمة الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق