أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

جكني : المواطن الشبح – وهبل الملك ...



بقلم: حدامي محمد يحي
في ليلة من ليالي جكني الجميله ، جلست على ربوة بيضاء ، أتأمل "القمر" ليلة تمامه وكأنه اللؤلؤ، يرسل إلي ضوءه بهدوء، ويهمس في أذني يحدثني عن جمال السماء، والنجوم من حوله قد صفت، والثريا لبست حلة عرسها في كون بديع، ولكأن النجوم جنود من حول "القمر الملك" والقمر يبسم عن ثناياه البراقة، يرسل إلي رسالة حب وود، ليجعل حياتي مفعمة بالخير والأمل.

والقمر طبع بطابع ذهبي كتبت بداخله حروف سحر الكون، فقرأتها المدينة الجميلة، وبلغة الليل الهادئ، وكأن الكلمات مفادها: "لا قمر إلا قمرك يا جكني" .
والسيد "الملك هبل" يراقبني عن قرب لعل فترة مشاهدتي للقمر قد انتهت، لأن:(كون جكني كله يسبح بحمده ويقدس له) .
ويالله ؟ سواد عيني وبياضها من ملك السيد، حتى منعني مشاهدة البدر وهواء المدينة النقي، ولكن لا بأس .
دعني أتأمل الربيع، تضحك له الدنيا وتصفق، وحقول المدينة تخضر، فإذا هي مروج أشبه ببساط سندسي أخضر، وتزهر الأشجار، وتزدان الأرض بأبهى حلة قشيبة زاهية الألوان من الزهور والورود والرياحين، وجكني كلها تزهو بأنشودة الدعاء والمرح والسعادة.
والملك "هبل" في قصره الرمادي يراقب ساكنة المقاطعة، ينظر بعيونه العشرة، وكأنه ينظر بعيون زرقاء اليمامة "الزباء" والتي يضرب بها المثل في حدة البصر حتى رأت الركب في ظلام الليل ومن بعيد :
ما للجمال مشيها وئيدا أجندلا يحملن أم حديدا
هو الملك نفسه الذي صنع مواطنا شبحا يركع بين يديه رغم العطش والجوع والفقر المدقع فملك الكون، والماء والعود والنار، وضرب المواطن الشبح ضربة مصارع قوي، جعله أثرا بعد عين .
وهل يمكن لمواطن شبح أن يطالب بالدواء والغذاء والتعليم؟
ففي مدينتي الغالية يباع الدواء عند أم عمرو، وفي دكانها الواقع شمالا، بفاتورة غالية، ووصفة طبية مضحكة، والمدرس أبو عمرو ينام في فصله، وما أروع بديهته حين دخل عليه المفتش فقال لطلابه: (هكذا كان ينام عمر رضي الله عنه).
والطريق المعبدة في الطريق، والسياسة من خصائص "الأمير المبجل" محرمة على الرعية لا يمكنك الحديث عنها إلا في قاع بحر داخل متجندلي .
واحسرتاي؟ على واقع كهذا، يكون فيه سيد القوم أعرجا من شفته، لا ينادي بمصلحة ولا يرقب في مواطن إلا ولا ذمة .
ويا للعجب من مواطن شبح اقتنع بالمذلة حيا ... وميتا ... يوشك السلطان أن يخرجه من قبره ليسأله لماذا مت؟ وكيف مت؟ إياك ثم إياك من أن تتحدث عن واقع جكني في مماتك وفي قبرك، أما الأحياء فلا تخش فإني كفيل بهم .
والكل يتحدث وينظر عن المستقبل ويتساءل، لكن الواقع هو هكذا :عطش بن فقر، والفقر بن مرض، والمرض بن التهميش والنسيان، وكل الأبناء بين "مواطن شبح وملك صنم"..!!

ليست هناك تعليقات: