أنباءالحوض الشرقي.. أخبــار الشرق الموريتاني بين يديك

موريتانيا وتموقعها في خارطة التغيير


بقلم: محفوظ ولد محمد يسلم
كثيرة هي الأمم التي عرفت وجهتها ووجهت ساعد أبناءها نحو الجد والعمل نحو الجد والعمل وأذابت التحديات والعقبات بعزم التصميم وصدق الإرادة تلكم المجتمعات التي أخذت مصيرها بيدها وانتزعت قرارها السياسي والاقتصادي من عتاة الظلمة والمستبدين الذين جثموا علي صدور الشعوب عقودا من الزمن هدرت فيها كرامة الإنسان والأوطان

لقد عرفت بلادنا في مسيرتها السياسية بعد الاستقلال تأرجحا كبيرا بين النجاح والفشل نجاحا ظل خافتا وخجولا لا يقدر بأدنى ما تمتلكه البلاد من ثروات ومقدرات البناء والنهوض.
لا يكابر أحد في صدق هذا التقويم وواقعيته على مستوى الساكنة وحجم الثروة لكن الشكل السياسي للدولة وهشاشة المؤسسات بعد انهيار أول حكم مدني عرفته البلاد وظهور أصحاب النياشين وسياساتهم التي كلفت البلاد أثمانا باهظة خلفتها عن قطار التنمية الذي لا يعرف إلا الاستمرار والدقة والتخطيط الصائب، سار العسكر الموريتاني يتلمسون طريق التنمية في هذه البلاد فأخطئوا الطريق وخلفوا دولة هزيلة بلا مؤسسات استدانت المليارات وخلفت ملايين الاستراتيجيات الفاشلة مما جعلنا نحافظ دائما على أسفل القوائم التي تقدمها مراكز البحوث المهتمة بتقويم السياسات في العالم الثالث لا على نمط مركز تحليل السياسات في نواكشوط الذي ليس له إلا اسمه ومكانه القريب من جامعتنا العتيدة. 
استمرت الدولة في هذه الوجهة السياسية يدفعها كتل من التحالفات القبلية والجهوية ودعم دولي رضي من العالم الثالث شكل الديمقراطية فقط ولم يرهق نفسه في حمل هذه الأنظمة على الديمقراطية مما جعلهم ينقضون علي الديمقراطية واضحة النهار فلا أكثر من التنديد ثم يتحول إلى  صداقة وشراكة، فحرم البلد من حكم مدني طبل له العالم واستبشر له الأمر الذي يرق للبعض وضاق به ذرعا وعادت حليمة إلى عادتها القديمة وبعد أن تغيرت أنماط الحكم في العالم العربي بفعل الربيع الثوري الذي اقترب من الساحل الموريتاني تبدوا بلادنا محاطة بنوعين من التغيير، ثورة الشارع بمخاطرها وثورة الصناديق بأمانها وصعوبة استكمال استحقاقاتها، وعلى ما تقدم  نخلص ألى ذكر عوامل لابد من توفرها في كلا النوعين من التغيير :
أولا ثورة الشارع :
هناك عوامل هي المحركة للفعل الثوري في أي بلد كان منها الشعور العام بالظلم وفي بلادنا يوجد ظلم كبير يعبر عنه واقع المواطن ويبوح به أحيانا لكنه لم يصل إلى شعوره ووجدانه، ويعبر عنه البعض بأن المواطن مازال في طوقه الصبر على واقعه المرير لأنه لم يتعود النفع من الدولة وينقصه الوعي بحقوقه يغذي ذلك أمية مستفحلة تصل إلى أكثر من نصف المجتمع، يزيد ذلك ضعفُ التعليم وعدم النفاذ إلى الخدمات المتعلقة بإسعاد المواطن ومارست الحكومات المتعاقبة تلك السياسات مستعينة  بإعلام يمتاز بالخداع وتصوير الواقع بأنه في غاية الرفاهية قاصدا تحقيق أهداف الحكومات المتعاقبة، هذه العوامل تغذي الاحتقان لكن الثورة ليست كائنة في بلدنا في المنظور القريب إلا أن ازدياد الوعي واتساع دائرة الفقراء وطغيان الحرمان وازدياد حشود العاطلين عن العمل والتفاوت الطبقي وانحساره في صنفين فقراء وأثرياء واختفاء الطبقة الوسطى تدريجيا تحت ضغط الغلاء الفاحش الناتج عن ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الرواتب وغياب المساواة في الفرص نتيجة هيمنة المتنفذين على مقاليد البلاد، لكن البعض يرى خطورة هذا النوع من التغيير على بلادنا نظرا للتمايز الطبقي بين المكونات الوطنية وازدياد شعور هذه الطبقات بالحرمان، لكن بعض السياسيين يرى أنه ما حدثت من هزات عنيفة للتعايش الذي عرفه هذا الوطن بين مكوناته إلى بفعل ممارسات السلطة وتغذية تلك النعرات وإذكائها ليعيش الاستبداد وينمو اتكالا على ضعف الوحدة التي هي الخطر التي يتهدده ويعجل من زواله، وهذا المبدأ يعتمد على التخويف وتجفيف أي منبع قد يقود إلي اصطفاف وطني لمحاربة الفساد والاستبداد وأخذ الشعب قراره بنفسه .
ثانيا : ثورة الصناديق :
وهذا الخيار يبدوا آمنا وجربته دول الجوار كالسنغال والمغرب مما أدى إلى انفراج وشراكة سياسية في هذه البلدان لكن في بلدنا ينبغي توفر مجموعة العوامل المساعدة على تحقيق هذا النمط من التغيير لتفادي الأخطاء التي وقعنا فيها سالفا
- لابد من وجود إرادة سياسية صادقة من كل الأطراف لننتقل إلى حكم ديمقراطي مستمر يوفر لنا وقتا للبناء والتنمية ولا نعود  إلى  عهد البيانات الذي أصبح بدائيا ولا تقبله الشعوب الواعية.
- ترجيح النخبة السياسية الحسابات الديمقراطية على الحسابات السياسية وعدم الدخول في أي تسوية لا تضمن الوصول إلى مسار سياسي ديمقراطي صحيح لأن هذا الزمن لا يقبل العور الديمقراطي .
- حياد جيشنا الوطني عن أي عملية سياسية في طريق الحل المنشود وأن لا يكون طرفا في العملية الديمقراطية بل يكون حاميا لها
- منع استعمال المال السياسي وإلزامية التصريح بتمويل الحملات وتطبيق سياسة الطعن خارج الصندوق
- إيجاد عمل شبابي مدني رقابي مستقل عن الأطراف السياسة يشرف على رقابة الديمقراطية والاقتراع
- ضرورة حل حزب الدولة وسن قوانين تمنع الانقلابات وحرمة حضور الضباط والجنرالات المناسبات السياسية
- وضع مؤسسة الجيش في مكنان يليق بها تمويلا وتسليحا واعتبارا وتكريما والاستفادة من خبرات جنرالاتنا وقادة جيشنا وإنشاء جامعة للعلوم العسكرية يقدمون فيها تجاربهم لجيشنا الوطني تكون متعددة التخصصات.
 وأخيرا أخلص إلى أن البلد بحاجة إلى تنازل كل الأطراف عن حساباتها السياسية ورفض أي حل من أجل المحاصصة، بل نتنازل جميعا من أجل وجود ديمقراطية حقيقية في هذا البلد، تضمن استقراره وأمنه ليتفرغ أبناءه للبناء رغم ما فاته من العقود وضاع من الوقت في تمجيد الأفراد وحرمان الوطن من رقم يليق به على الأقل في خارطة المتلمسين للنمو في العالم.



ليست هناك تعليقات: